يحدث ليلا في شقة الطلبة الجزء الثالث

يحدث ليلا في شقة الطلبة الجزء الثالث

تبددت الصورة فجأة وعادت المرآة لطبيعتها الأولى ، أصابه الذهول مما رأى.

أخذ يفكر ترى هل ما رأه منذ لحظات قد حدث بالفعل؟

وإذا كان قد وقعت أحداثه في الماضى حسبما تبين له من أثاث الشقة والملابس التي رآهم يرتدونها ، ما علاقته بكل ذلك ؟

للمرة الأولى ينتابه الفضول بعدما كان الخوف يسيطر عليه ، أخذ يتسائل ترى ماذا حدث؟
هل قام ذلك الرجل بقتل الطفل؟

تبادر لذهنه صوت صراخ الطفل الذي كاد أن يصم أذنيه قبل قليل ،

بالتأكيد صاحب الصوت هو نفسه الذي رأه في المرآة ومن الوارد أن يكون قد تم قتله بدم بارد هو ووالدته من قبل تلك الخادمة وعشيقها ،

وأرواحهما تحوم في المكان الذي تم قتلهما به.

بدأت الخيوط تتجمع في عقله تدريجيا ، لكنه لا يدري ما علاقته بكل ما حدث.

بداخله الكثير من المشاعر المتداخلة ، فبعدما كان الخوف يسيطر عليه ، انتابه الفضول يريد معرفة ما حدث ،

بالإضافة للغضب الذي بدأ يشعر به مما رأى قبل قليل.

هم بالخروج من المرحاض ، لكنه لم يستطع التحرك وكأن قدماه قد تم تثبيتهما فى الأرض ،

حاول جاهدا أن يتحرك من مكانه بلا فائدة ، عاد الخوف يسيطر عليه مجددا.

حاول أن يردد ما يحفظ من القرآن بصوت عالي ، شعر وكأن هناك يد قوية تطبق على فمه لتمنعه من التحدث ،

رفع يديه محاولا أبعاد اليد التي تكمم فمه والتي يشعر بقوتها لكنه لا يراها ،

ما أن فعل حتى شعر وكأن يداه مكبلتان بالأصفاد وقد عادتا لجوار جسده ، حاول مرارا تحريكهما فلم يستطع.

كان في موقف لا يحسد عليه ، شعر بأن نهايته وشيكة ، أخذ يردد الشهادة في عقله فهذا أقصى ما يمكنه فعله في تلك اللحظات ، بدأ يستسلم للنهاية.

إقرأ أيضا: ملاك

فجأة رأى سطح المرآة يتبدل لتعود تلك العجوز التي تتشح بالسواد للظهور مرة أخرى.

بدى على وجهها الغضب ، وقد تحولت عيناها لتكتسي باللون الأحمر وكأنها دماء.

أصابه ظهورها المفاجئ ببعض الذعر ، لكن يبدو أن ما رأه منذ دخوله لتلك الشقة اللعينة ، وكل الأحداث التى مر بها ،

منحتة قدرا بسيطا من الهدوء ، فلم يعد الرعب يسيطر عليه كما كان في السابق ،

عندما رأها للمرة الأولى ، كما أن وقوفه متصلبا لا يقوى على الحركة جعله يستسلم لقدره بعدما شعر أن النهاية أصبحت وشيكة.

خاطبته العجوز بصوت وكأنه يصدر من قاع بئر عميق قائلة : إما أن تخوض التجربة وإما الموت الأن.

إنها تخيره في أمر لا يدري عنه شيئا ولكنه بالتأكيد كأي شخص عاقل سوف يختار أن يخوض التجربة ،

فمن الجنون أن يرفض ليلقى حتفه في الحال كما أخبرته ،

وعلى حد علمه لم يسبق له من قبل سمع أن هناك أشباح قد تراجعت في حديثها ولم تنفذ ما قالته.

حتى لو كان يجهل ما تلك التجربة التي تتحدث عنها فهناك أمل ولو ضعيف أن لا تقوم بقتله الأن.

لم يدم تفكيره طويلا ، شعر بأن اليد التي تطبق على فمه قد أزيحت ، في اشارة من العجوز أن يخبرها بقرارة ،

لم يتردد لحظة بمجرد أن شعر أنه قادرا على الحديث ، أخبرها بأنه سوف يخوض التجربة.

رأها تبتسم بخبث كاشفة عن أسنانها السوداء ، وهي تخاطبه قائلة :

إذا فشلت في تنفيذ المطلوب فالضياع في عالمي سيكون مصيرك.
موافق.

قالها على مضض للنجاة بحياته على الأقل في تلك اللحظات ، محاولا كسب بعض الوقت ليستطيع التفكير بشكل أفضل.

فالمحكوم عليه بالإعدام لن يمكنه الإستمتاع بوجبتة المفضلة وهو يعلم يقينا أنه عندما يفرغ منها سوف يلقى حتفه.

لم يكد ينتهي من أفكاره حتى رأى المرآة تتسع شيئا فشيئا وهي تقترب منه حتى ابتلعته بداخلها.

أغلق عينيه خوفا مما هو مقدم عليه ، تداعت لمسامعه الكثير من أصوات الصراخ لرجال ونساء وكأنها تأتي من قاع الجحيم ،

إقرأ أيضا: يحدث ليلا في شقة الطلبة الجزء الأخير

تتداخل مع صوت ضحكات ساخرة للعجوز ، شعر أن جسده يدور حوله نفسه بسرعة كبيرة ،

حاول فتح عينيه على إستحياء ليتبين ما يدور حوله ، بعدما زالت عنه رهبة الموقف.

رأى الكثير من الوجوه تدور حوله وكأنها عاصفة بينما كان هو أيضا لازال يدور حول نفسه.

بعد مضى أقل من دقيقة بدأ دورانه يهدأ رويدا رويدا ، وبدأت الوجوة التي تتلاشى شيئا فشيئا ،

ليجد نفسه واقفا بداخل مرحاض لكنه كان يختلف تماما عن السابق ، كل شيء تبدل من حوله إلا المرآة ظلت كما هي.

أخذ يدور بعينه في أرجاء المكان متفقدا إياه ، الذي يدل من مظهره أنه يعود لعصر سابق.

لا يدري سبب تواجده بذلك المكان ولا ما تلك التجربة التي تحدثت عنها تلك العجوز ،

لم تكد تلك الأفكار تدور برأسه حتى رأها تعاود للظهور له مرة أخرى.

للمرة الأولى منذ مر بتلك الأحداث لا يتفاجأ من ظهورها ،

فهو بحاجه لمعرفة ما تلك التجربة التي تحدثت عنها ، هم بسؤالها عن طبيعة التجربة.

لكنها أسرعت لتتحدث قائلة : لقد رأيت ماحدث بتلك الشقة قبل خمسون عاما ، لكنك لا تعلم ما انتهت إليه الأمور ،

سوف تكون جزءا من الأحداث وعليك تغيرها وإلا سوف تظل حبيس عالمي.

أنصت إليها باهتمام محاولا فهم ما تقوله ، بينما أكملت هي حديثها قائلة :

تذكر لا يوجد لديك سوى محاولتين وإذا فشلت فستكون قد اخترت قدرك بيدك.

قالتها وتلاشت صورتها من أمامه ، تاركه إياه في حيرة كبيرة.

يتبع ..

Exit mobile version