يحكى أن تاجرا ركب رأسه الغرور فكتب على باب دكانه
يحكى أن تاجرا ركب رأسه الغرور فكتب على باب دكانه كيد الرجال غلب كيد النساء ،
ويبدو أن لم يرق لصبية حسناء ذات تيه ودلال ، فدخلت دكانه متعللة بشراء بعض الحاجيات ،
فصارت كلما طلبت مطلباً تتمايل حتى تمكنت من صاحب الدكان ، وسرقت عقله وتلاعبت بعواطفه ،
ولم يتمالك نفسه عن سؤالها من تكون ؟
فقالت : له أنا ابنة قاضي القضاة
قال الشاب : ما أسعد أبيك فيك ، قالت : وماشقاني معه إنه يريد أن يبقيني بدون زواج ،
فكلما طلبني أحد للزوج قال له : إنني عمياء كتعاء الخادمه المملوكة غير صالحة لمثل هذه الأمور .
قال الشاب :وهل تقبلين بي زوجاً لك ، وأنا أتدبر الأمر مع أبيك ؟ فأجبته الفتاة بالموافقة .
ولم يلبث الشاب أن مضى من وقته إلى قاضي القضاة يطلب منه يد إبنته ، فقال القاضي :
ولكن ابنتي عمياء كتعاء ، وأنا لا أريد أن أضع أحد في ذمتي .
قال الشاب : أنا أقبلها كما هي ويكفيني حسبها ونسبها ، وتمت الموافقة .
ثم إنه أتيحت الفرصة للشاب كي يجتمع بعروسه ، فإذا هي حقيقة عمياء كتعاء ، وأنها ليست تلك المرأة الماكرة الحسناء ،
فرجع الشاب إلى دكانه منكسر النفس منكس الرأس ومحا عن بابه العبارة التي أوقعته في المصائب كيد الرجال غلب كيد النساء.
إقرأ أيضا: يقال أن والي دمشق أسعد باشا كان بحاجه إلى المال
ولم يلبث غير يسير حتى أقبلت عليه الصبية الحسناء من بعيد وعلى ثغرها ابتسامة الظفر ،
فدخلت وقالت : الآن قد اعترفت بالحقيقة وأقررت أن كيد النساء غلب كيد الرجال ؟
فأجاب الشاب : ولكن مع الأسف بعد فوات الأوان .
فقالت الفتاة : لن أتركك في محنتك وخلاصك في يدي .
فما عليك إلا أن تبحث عن جماعة من أنور تطلب منهم أن تزعموا أنك واحد منهم وأن يحضروا على أساس أنهم أقاربك وأصحابك إلى بيت القاضي في يوم العرس ،
وهكذا كان ، فقد وصل الجماعة في اليوم الموعود بطبل وزمر ورواقص وأهازيج ،
في حين كان القاضي يجلس مع علية القوم وأشراف المدينة ،
فهرع الشاب إلى ملاقاتهم والترحيب بهم ولما سأله الحاضرون عن الخبر ،
أجابهم : أنا منهم وهم مني ، ولا أستطيع أن أنكر حسبي ونسبي ولذلك دعوتهم ليحتفلوا بي في يوم عرسي ،
فصاح به قاضي القضاة : كفى ، ونحن أيضاً لا نستطيع أن نتخلى عن حسبنا ونسبنا قم وانصرف أنت وجماعتك ،
وابحث لك عن زوجة من بناتهم ، وعفا الله عما سلف .
وفي الغد ذهب الشاب إلى دكانه ، وإذا بالصبية تأتيه فاستقبلها هاشا باشا وأخبرها بنجاح مشورتها ومكيدتها ، ذكائها
التي خلصته من شراك تلك المصيبة ، ثم سألها حقيقة نفسها فأخبرته ، فم يلبث يسيراً حتى ذهب وطلب يدها ، معترفاً بالهزيمة أمام كيد النساء.