قصص منوعة

يروي أحد المدرسين كنت دائما ما أراقب الطلاب في الفترة المسائية

يروي أحد المدرسين كنت دائما ما أراقب الطلاب في الفترة المسائية أثناء انصرافهم من الطابور باتجاه فصولهم ،

حتى يتم إخلاء الساحة المدرسية من كافة الطلاب.

ثم أنتظر قليلا لأفاجئ يوميا بطالبين أو ثلاثة متأخرين عن موعد الحضور!

فأضطر إلى معاقبتهم وأسمح لهم بالإلتحاق ببقية زملائهم في فصولهم !

ولفت إنتباهي أن طالبا واحدا (محدد بعينه) يكون أحد هؤلاء الطلاب المتأخرين بشكل دائم يوميا!

(خلافا عن بقية الطلاب اللذين لا يتأخر أحدهم بالعادة إلا لظرف طارئ).

فكنت حين أعاقبه بالعصى التي أحملها أرى على وجهه علامات الأسى والحزن!

لكنه يتقبل العقوبة بمنتهى البساطة وينصرف إلى فصله!

واستمرت القصة على هذا النهج يوميا! وأنا أقلب الأمر في رأسي! أي طالب عنيد هذا؟!
وأي عقلية يحملها؟!

كيف يكون حزينا وهو يتلقى العقوبة، ولا يسعى ليغير من حاله ويحضر إلى المدرسة في الموعد المحدد ؟!

ومع هذا قررت أن أستمر في منهجي نحوه ، حتى يعدل من سلوكه!

واستمرت الأيام على هذا الحال ؛ دون أي تغيير!

إلى أن قررت أن أخذ زمام المبادرة لحل المشكلة ، فاستوقفته ذات يوم قبل أن أعاقبه ؛ وسحبته من يده إلى مكتبي وسألته :

يا بني لماذا تتأخر كل يوم؟
لماذا لا تحضر مثل بقية الطلاب قبل الطابور المدرسي؟!

إذا كانت العقوبة تأثر في نفسك هكذا!
لماذا لا تغير من سلوكك؟

سكت الطالب برهة من الزمن وهو يطرق بنظراته إلى الأرض ثم أجاب على إستحياء :

يا أستاذ أنا لا أتأخر عن المدرسة بارادتي! يا أستاذ ظروفنا المالية في المنزل سيئة ، وقاسية ، ووالدي عاطل عن العمل ،

إقرأ أيضا: قصة حقيقة عن ألطاف الله الأب والسيارة

أنا وأخي لا نملك إلا قميص مدرسي واحد هو يرتديه أثناء ذهابه إلى المدرسة في الفترة الصباحية ؛

وأنا أنتظر عودته على باب المنزل بفارغ الصبر لأخذه منه وأرتديه وأحضر إلى المدرسة ،

وهذا سبب تأخري كل يوم! ومع هذا فإنك تعاقبني!

1 3 4 10 1 3 4 10

وأنا لا أستطيع الإعتراض وأتقبل الأمر لأني لا أرغب في ترك المدرسة بسبب ضيق حالنا!

يقول الأستاذ والحديث على لسانه : والله إن الدنيا أظلمت أمامي لم أعد أرى أو أسمع شيئا!!

أحسست أن الزمن توقف عند هذه اللحظة ؛
فقدت القدرة على الكلام والتفكير إلا من شريط الذكريات ؛

وأنا أعاقبه بالعصى على يديه على مدى تلك الأيام وهو يتألم من الضرب ومع هذا لا يتحدث ولا يعترض!

نزلت كلمات الطالب على مسامعي كأنها ضرب بسياط القهر والأسى ،

ولم أستطع أن أتمالك نفسي واندفعت الدموع من عيني بصمت!

فسألته وصوتي يتحشرج في حنجرتي وكلماتي لا تطاوعني للخروج من فمي :
لماذا لم تخبرني بذلك يا بني؟

أجاب وهو يطرق بناظريه إلى الأرض أمامه :
إنك لم تسألني ما السبب ؛ كنت تعاقبني فقط!

عندئذ فقط أدركت فداحة ما إقترفته!

أخذت الطالب من يده إلى فصله في ذلك اليوم فقط دون أن أعاقبه ،

وطلبت منه عند إنتهاء الحصص المدرسية أن يحضر إلى مكتبي وانصرفت.

وفي نهاية اليوم الدراسي حضر الطالب إليّ كما وعدني وأخذته معي في جولة إلى السوق ،

واشتريت له قميص مدرسي جديد على حسابي الخاص،

فكم كانت فرحته بهذا القميص! وكأنه قد نجح في إمتحان آخر العام الدراسي!

واتجه إلى منزله مسرورا.

ومن ذلك اليوم الحاسم لم أشاهده إلا في مقدمة الطابور المدرسي منتشيا بهذا الإنجاز .

يواصل الأستاذ حديثه : كانت هذه الحادثة مفصلا هاماً في مسار نهجي التعليمي والتربوي.

الحكمة

المعلم والمربي المثالي عليه أن يكون أولا أبا ًلطلابه قبل أن يكون مدرسا ومعلما ،

عليه أن يشعر بهم ، ويناقش آلآمهم ، وأوجاعهم ، قبل أن يصدر عليهم أحكامه التي قد تكون جائرة وهو لا يعلم!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?