يُوشِكُ الأممُ أن تداعَى عليكم كما تداعَى الأكَلةُ إلى قصعتِها. فقال قائلٌ : ومن قلَّةٍ نحن يومئذ؟
قال : بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ ، ولكنَّكم غُثاءٌ كغُثاءِ السَّيلِ ، ولينزِعنَّ اللهُ من صدورِ عدوِّكم المهابةَ منكم ،
وليقذِفَنَّ اللهُ في قلوبِكم الوهْنَ.
فقال قائل : يا رسول اللهِ ! وما الوهْنُ ؟ قال : حُبُّ الدُّنيا وكراهيةُ الموت.
إذا ترَكَ المسلِمونَ الجِهادَ وحرَصوا على الدُّنيا وأحبُّوها وكرِهوا الموت ، طَمِعَ فيهِم أعداء اللهِ مِن الكفَّار.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النبي صل اللهُ علَيهِ وسلَّم : “يُوشِكُ الأُممُ أن تَداعى علَيكمْ” ،
أي : يَقرَبُ أن تَجتمِعَ وتتحدَ على المسلمينَ الأممُ الكافرة ، “كما تَداعَى الأَكلةُ إلى قَصعتِها” ،
أي : كما يَجتمِعُ الجماعةُ من الناسِ على الطَّعامِ ، وهذا إشارةٌ إلى السُّهولةِ التي يَلقاها العدوُّ في المسلمينَ.
فقال قائلٌ : “ومِن قلَّةٍ نحنُ يومئذٍ؟” ، أي : هلْ يكونُ طَمعُهم واجتماعُهم على المسلمينَ لِقلَّةِ عدَدهِم؟
قالَ_النبيُّ صل اللهُ علَيهِ وسلَّم : “بلْ أنتمْ يومَئذٍ كَثيرٌ ، ولكنَّكمْ غُثاءٌ كغُثاءِ السَّيلِ” ،
أي : يكونُ مَطمعُهم في المسلمينَ ليسَ لِقلَّةِ العَددِ- فإنَّ العددَ يكونُ كثيرًا ولكنْ لا نفعَ فيهِ ولا فائدةَ- ،
ولكنْ لقِلَّةِ شَجاعتِهم وشدَّةِ تفرُّقِهم ، وغُثاء السَّيل : ما يَطفو على ماء السَّيلِ مِن زَبدٍ وأوْساخٍ وفَقاقِيعَ.
قال صل الله عليه وسلَّم : “ولَينزِعَنَّ اللهُ مِن صُدورِ عدُوِّكم المَهابةَ مِنكم” ،
أي : الخوفَ ، “ولَيقْذِفنَّ اللهُ في قلوبِكم الوَهَنَ ،
فقالَ قائل : يا رَسولَ اللهِ ، وما الوَهنُ؟ قالَ : حبُّ الدُّنيا وكراهيةُ الموتِ” ،
أي : الحِرصُ علَيها والتطلُّع فيها وتركُ العَملِ للآخرة ،
وهذا يَجعَلُهم يخافونَ الموتَ ويحِبُّونَ الحياةَ ومتعَ الدُّنيا ، فيَتركونَ الجهاد في سَبيلِ الله.
الراوي : ثوبان مولى رسول الله صل الله عليه وسلم.
المحدث : الألباني.
المصدر : صحيح أبي داود.