ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺏ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻷﻭﻻﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ
ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺏ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻷﻭﻻﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﻳﻨﺤﻨﻮﻥ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻄﺒﺦ ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ ﺃﻣﻬﻢ ،
ﻭﻻ ﻳﻨﺤﻨﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﻤﻴﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﻜﺘﺒﻲ ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻨّﻲ ،
ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﻣﻜﺘﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﺧﻄﻮﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻄﺒﺦ ،
ﻻ ﺃﺗﻮﻗّﻒ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﺣﻮﻝ ﻫﺬﺍ ”ﺍﻟﺘﻄﻨﻴﺶ”، ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﺃﺳﻤﻊ ﺃﻣﻬﻢ ﺗﻘﻮﻝ ﻟﻬﻢ: “ﺳﻠﻤﺘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻮﻛﻢ؟.. ﺭﻭﺣﻮﺍ ﺳﻠﻤﻮﺍ.”
ﺑﻴﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﻭﺗﻨﻔﻴﺬه ﻳﺴﺘﻐﺮﻕ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﺭﺑﻊ ﺇﻟﻰ ﻧﺼﻒ ﺳﺎﻋﺔ ،
ﻭﻻ ﺃﺗﻮﻗﻒ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﺣﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻄﻨﻴﺶ ﺃﻳﻀﺎ ،
ﻓﺎﻟﺪﻧﻴﺎ ﺯﺣﻤﺔ، ﻭﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﻤﺆﺩﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻄﺒﺦ ﺇﻟﻰ ﻏﺮﻓﺘﻲ ﺗﺸﻬﺪ ﺍﺯﺩﺣﺎﻣﺎً ﻣﺮﻭﺭﻳﺎً ﻛﺒﻴﺮﺍً ،
ﻭﻗﺪ ﻳﺴﺘﻐﺮﻕ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻲّ ﻭﻗﺘﺎً
ﺃﻃﻮﻝ.
ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ ﻳﺼﻠﻮﻥ ﻧﺤﻮﻱ ﻓﺮﺍﺩﻯ ﻭﺳﻼﻡ ﻭﺗﺤﻴﺔ ﺑﺎﺭﺩﺓ!
ﺍأﺳﺒﻮﻉ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ، ﻭﻓﻮﺭ ﻭﺻﻮﻝ ﺃﻛﺒﺮ ﺍﻷﺑﻨﺎﺀ ، ﺧﺮﺟﺖ ﺑﺎﻟﺼﺪﻓﺔ ﻣﻦ ﻣﻜﺘﺒﻲ ﻓﻮﺟﺪﺗﻪ ﻳﻘﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻄﺒﺦ ﻳﻬﻢّ ﺑﻤﻨﺎﻭﻟﺔ ”ﺍﻟﺴﺖ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﺓ” ﺷﻴﺌﺎً ﻣﺎ ،
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺭﺁﻧﻲ ﺗﺮﺍﺟﻊ ﻭﺃﺧﻔﺎه ﺧﻠﻒ ﻇﻬﺮه ، ﻓﺄﻛﻤﻠﺖ ﻃﺮﻳﻘﻲ ﺩﻭﻥ إﻧﺘﺒﺎه.
ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺿﺒﻄﺘﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﻀﻊ ﺑﻔﻤﻬﺎ ﻗﺎﻟﺐ ﺷﻮﻛﻮﻻﺗﺔ ﻓﺎﺧﺮﺍً ﻗﺪ ﺍﺷﺘﺮﺍه ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺼﺮﻭﻓﻪ ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺭﺁﻧﻲ ﺧﺠﻞ ﻣﻨﻲ ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ
ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺪﺍﺭﻙ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ!
ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﺛﻮﺍﻥٍ ﺣﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺟﻴﺐ ﺑﻨﻄﺎﻟﻪ ”ﺍﻟﺠﻴﻨﺰ” ﻗﻄﻌﺔ ﺣﻠﻮﻯ ”ﻛﺮﻣﻠﺔ” ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻠﺘﺼﻘﺔ ﻓﻲ ﻗﻌﺮ ﺍﻟﺠﻴﺐ ﺑﺎﻟﻜﺎﺩ ﺃﺧﺮﺟﻬﺎ ،
ﻭﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﻗﻄﻊ ﻣﻨﺎﺩﻳﻞ ﺍﻟﻮﺭﻕ ﻣﺤﺎﻭﻻً ﺇﻫﺪﺍﺋﻲ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﻓﺸﻜﺮﺗﻪ!
ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺗﻮﻗﻒ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﺣﻮﻝ ﻫﺬﺍ ”ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻱ”، ﺻﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻮﻛﻮﻻﺗﺔ ﺍﻟﺘﻲ إﺷﺘﺮﺍﻫﺎ ﻷﻣﻪ ﻟﺬﻳﺬﺓ ﺟﺪﺍً ،
ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻻ ﺃﻧﺰﻋﺞ ﻣﻦ ﻣﻴﻠﻬﻢ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﻴﻞ ﻧﺤﻮ ﺃﻣﻬﻢ ، ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺎ ﻣﺜﻠﻬﻢ ﻭﺃﻛﺜﺮ!
ﺭﻏﻢ ﻛﺪّ ﺍﻷﺏ ﻭﺳﻔﺮ ﺍﻷﺏ ﻭﺗﻌﺐ ﺍﻷﺏ ﻭﺣﻨﺎﻥ ﺍﻷﺏ ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻨﻮﺡ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﺤﻮ ﺍﻷﻡ ، ﻭﻫﺬﻩ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻓﻄﺮﻳﺔ ﻻ ﻧﺘﺤﻜّﻢ ﻓﻴﻬﺎ !
إقرأ أيضا: هل لي بحضن واحد وقبلة ؟
ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺃﻥ ﺍﻷﻭﻻﺩ ﻻ ﻳﻜﺘﺸﻔﻮﻥ ﺣﺒّﻬﻢ ﺍﻟﺠﺎﺭﻑ ﻵﺑﺎﺋﻬﻢ ﺇﻻ ﻣﺘﺄﺧﺮﺍً ،
ﺇﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ ، ﻭﺇﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻭﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﺸﻬﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ!
ﻭﻫﺬﺍ ﺣﺐ ﻣﺘﺄﺧﺮ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﺣﺴﺐ ﺗﻮﻗﻴﺖ ﺍﻷﺑﻮﺓ
ﺍﻵﻥ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻬﺖ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺭ ، ﺃﻭ ﺿﺎﻗﺖ ﻋﻠﻲّ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ، ﺃﻭ ﺗﺮﺩﺩﺕ ﻓﻲ ﺣﺴﻢ ﻣﺴﺄﻟﺔ.
ﺗﻨﻬّﺪﺕ ﻭﻗﻠﺖ: «ﺃﻳﻦ ﺃﻧﺖ ﻳﺎ ﺃﺑﻲ».